
قانون الشغل المغربي هو الإطار القانوني الذي يُنظّم العلاقة بين الأجير والمشغّل، سواء في القطاع الخاص أو بعض مؤسسات الدولة ذات الطابع التجاري أو الصناعي. ويُعنى بحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطرفين، مع ضمان توازن العلاقة بين السلطة الإدارية والتعاقدية داخل فضاء العمل. وتنبع أهمية هذا القانون من تأثيره المباشر على استقرار الشغل، المناخ الاجتماعي داخل المقاولات، وحماية الأجَراء من التعسف، أو حماية المشغِّلين من التهاون وعدم الانضباط.
وفي هذا السياق، يتدخل المفوض القضائي كطرف محايد وفاعل في تنفيذ العديد من الإجراءات القانونية التي يكفلها هذا القانون.
⚖️ الإطار القانوني:
ينظم مدونة الشغل المغربية (قانون رقم 65.99) مختلف جوانب العلاقة الشغلية، وتشمل:
عقود الشغل وأنواعها
الأجور والتعويضات
ساعات العمل والإجازات
الطرد التأديبي والتعسفي
النزاعات الفردية والجماعية
الصحة والسلامة المهنية
الحماية النقابية والتمثيلية داخل المؤسسات
📌 دور المفوض القضائي في قضايا الشغل:
1. تبليغ الإنذارات والتوجيهات التأديبية
عند وقوع مخالفة من طرف الأجير (كالغياب غير المبرر أو الإخلال بالمهام)، يُكلف المفوض القضائي بتبليغ إنذار رسمي أو استدعاء لجلسة استماع، مع تحرير محضر يُثبت التبليغ قانونيًا وفقًا لمقتضيات المادة 62 من المدونة.
2. تحرير محاضر الامتناع أو الغياب
إذا رفض الأجير الحضور أو التوقيع على الإنذار، يُوثّق المفوض القضائي ذلك بمحضر قانوني، وهو ما يُعدّ أساسًا للجوء إلى مسطرة الطرد المشروع.
3. توثيق الوقائع داخل أماكن العمل
في حال وجود أعمال تخريب، أو اعتصام غير قانوني، أو استعمال غير مشروع لممتلكات الشركة، يُكلف المفوض القضائي بتحرير محاضر معاينة دقيقة تُقدَّم للقضاء كدلائل محايدة.
4. تنفيذ قرارات المحكمة في نزاعات الشغل
سواء تعلق الأمر بالحكم بأداء تعويضات لفائدة الأجير، أو تنفيذ قرار بالإرجاع للعمل، يقوم المفوض القضائي بعملية التنفيذ على أرض الواقع، مع تحرير محاضر تسلم أو امتناع.
5. تحصيل المستحقات والتعويضات
في حالة امتناع أحد الأطراف عن أداء ما عليه من مستحقات شغلية، يتدخل المفوض القضائي لتحصيلها بالقوة القانونية (الحجز، التبليغ، التنفيذ).
🧾 حالات عملية شائعة:
عامل تم طرده بدون جلسة استماع، تُكلف المحكمة المفوض القضائي بتنفيذ الحكم بأداء تعويض الطرد التعسفي.
شركة تُبلغ أحد الأجراء بإنذار بسبب غيابه غير المبرر، ويُحرر المفوض محضرًا بالتبليغ.
معاينة إضراب عمالي داخل المصنع يتم توثيقه من طرف المفوض القضائي بحضور الشهود.
أجير يرفض العودة إلى عمله رغم صدور حكم بإرجاعه، فيُحرر المفوض محضر امتناع يُغلق الملف قانونيًا.
✅ أهمية المفوض القضائي:
السرعة في التدخل وحسم النزاع قبل تصعيده
توثيق قانوني محايد للأفعال والتصرفات داخل بيئة العمل
مساعدة القضاء في الوصول إلى الحقيقة عبر محاضر موثقة
توفير الحماية للطرف الأضعف (غالبًا الأجير) أو للمشغّل من التلاعب
⚠️ التحديات الخاصة بهذا المجال:
التوتر العاطفي والنفسي العالي بين الطرفين
الطابع العاجل لبعض القضايا (مثل الطرد أو الحوادث)
محاولة التملص من الحقوق القانونية من أحد الطرفين
تباين الفهم القانوني لدى بعض الأجراء أو المشغّلين للحقوق والواجبات
🎯 الخلاصة:
قانون الشغل هو العمود الفقري للعلاقة المهنية السليمة داخل المجتمع. ودور المفوض القضائي فيه لا يقتصر على التبليغ أو الحضور، بل يتعداه إلى ضمان العدالة المهنية، من خلال محاضر قانونية، تنفيذات محايدة، وتحركات سريعة تحمي كل طرف من التعسف أو التهاون. لهذا، فإن تدخل المفوض القضائي يُشكل ضمانة حقيقية لاحترام مدونة الشغل وترسيخ السلم المهني داخل المؤسسات.